أرشيف

حملة استباحة الدستور وإسقاط حقوق المواطنة في إطار ما تقوم به بلدية العاصمة

بأسلوب عشوائي فج أسقطت حقوق وحريات المواطنين المكفولة دستورياً والتي كفلتها كافة القوانين والمواثيق والأعراف الدولية التي صادقت عليها اليمن، واعتبرت العمل بموجبها ملزماً لها، وسعت لتعديل القوانين النافذة للانسجام مع مضامين تلك المواثيق والاتفاقيات الدولية..

دشنت أمانة العاصمة حملة مفاجئة باسم "تحسين المظهر الحضاري للعاصمة ومكافحة العشوائية" وتزامنت الحملة بعد إقالة مدير عام الأشغال السابق المهندس عائض الشميري وتعيين آخر ، وبدأت الحملة بتاريخ 7 يونيو الماضي واستهدفت الباعة والبساطين حيث حشدت أمانة العاصمة والأشغال العامة معدات ضخمة من شيولات وأطقم وبوابير وسيارات حاملة لمولدات كهرباء "لحام" لإغلاق المحلات بدون أمر من محكمة مختصة، علماً بأن بعض المحلات التي تم الاعتداء عليها لديها تصريح عمل من الأمانة ومكتب الأشغال نفسه، كما عُززت الحملة بمئات الأطقم الأمنية والأطقم التابعة لمشروع الأشغال العامة "أحد المشاريع المنضوية تحت ما يسمى الإستراتيجية الوطنية للحد من الفقر ومكافحة البطالة" الممولة دولياً، وسعى مكتب الأشغال العامة للاستعانة بمئات الشباب المعروف عنهم البطش الشديد دون رحمة لتنفيذ حملتها التي أنفقت عليها أكثر من 100 مليون ريال حتى اليوم، واعتقلت ما يقارب (20) ألف مواطن قسرا في مخالفة واضحة للمادة (47) من الباب الثاني "حقوق وواجبات المواطنين الأساسية" من الدستور التي نصت الفقرة (أ) منها على كفالة حرية أي مواطن إلا بحكم من محكمة مختصة.

وأكدت عدم جواز القبض على أي مواطن أو تفتيشه أو حجزه إلا في حالة التلبس أو بأمر توجبه ضرورة التحقيق وصيانة الأمن يصدره القاضي أو النيابة العامة وفقاً لأحكام القانون، كما حضرت الفقرة (ب) حبس أو حجز أي إنسان في غير الأماكن الخاضعة لقانون تنظيم السجون، ويحرم التعذيب والمعاملة غير الإنسانية عند القبض أو أثناء فترة الاحتجاز أو السجن، وكما اعتبرت المادة (هـ) السجن في الأماكن غير المخصصة جريمة لا تسقط بالتقادم ويعاقب عليها كل من يمارسها أو يأمر بها أو يشارك فيها، فإن طريقة الاعتقالات التي تقوم بها بلدية أمانة العاصمة تعد مخالفة صريحة لكل ما تضمنته الفقرة أ، ب من المادة (47) من الدستور خصوصاً وإن الاعتقال يتم تعسفياً دون أي مسوغ قانوني، ومن يمارس تلك الأعمال المهينة لحقوق الإنسان وحرياته هم عمال بالأجر اليومي ليسوا موظفين أساسيين ولا يملكون صفة الضبطية القضائية ثم أن سلوكياتهم غير إنسانية لحظات الاعتقال الهمجي لكل مواطن من الذين يواجهون حملة تهجير وسلب كل حقوق المواطنة حيث أقدمت بلدية أمانة العاصمة التابعة لمشروع الأشغال العامة بنهب وسلب أولئك الباعة منذ ما يقارب 20 يوماً، وهو ما يعد اعتداء واضحا على حقوق الملكية التي كفلتها الفقرة (ج) من المادة (90) من الدستور وألزمت الدولة والحكومة حمايتها واحترام الملكية الخاصة، واعتبرت المساس بها جريمة نكراء بحقوق المواطن الاقتصادية مع إلزام التعويض العادل، وتمارس تلك الأعمال بموجب قرار مجلس الوزراء رقم (4) لعام 2005 حسب مبررات وكيل أمانة العاصمة محمد الغربي عمران, رئيس اللجنة الإشرافية على تلك الأعمال التي استباحت كرامة الإنسان وخالفت الدستور والقوانين النافذة والمعاهدات والاتفاقيات الدولية ذات الشأن حيث اعتبرت أمانة العاصمة ومكتب الأشغال العامة ومكوناتهما.. العمل كحق من حقوق الإنسان التي كفلتها القوانين واعتبرها الدستور في المادة (29) حقا وضرورة لتطور المجتمع، ولكل مواطن الحق في ممارسة العمل الذي يختاره لنفسه في حدود القانون علماً بأن قانون النظافة العامة لم يشر إلى البساطين أو الباعة المتجولين لا صراحة ولا ضمناً بأنها أعمال محرمة، وبذلك تكون أمانة العاصمة قد حرمت حق العمل وسعت إلى إسقاطه بموجب قوة قرار مجلس الوزراء السالف الذكر..

حملة الاعتقالات والمطاردات والانتهاكات الواسعة النطاق التي تتزعمها أمانة العاصمة والأشغال العامة أدت إلى حرمان 54 ألف مواطن من ممارسة أعمالهم بحثاً عن لقمة عيش لأهاليهم وذويهم، واعتبرت أعمالهم على رصيف متهالك اعتداء على الشارع العام، وبرغم من تلك الجرائم المرتكبة بحق الدستور والقوانين والإنسانية والكرامة، فإن بلدية أمانة العاصمة دشنت حملة الانتهاكات التي تدل على مدى إفراط أمانة العاصمة ممثلة بمكتب الأشغال العامة في استخدام القوة ضد مواطنين عزل لا يملكون حولاً ولا قوة لصد تلك الأعمال الهمجية الظالمة التي طالت حياتهم إلى المساكن حيث أقدمت بلدية الصافية يوم الأحد 21 يونيو الماضي باقتحام لوكندة الدار البيضاء بعد أن كسرت بابها الخارجي بالقوة واقتحمت اللوكندة لتصادر كل ما يملكه باعة الخضار من بضاعة، كما قامت بالضرب المبرح لأحد العاملين في اللوكندة، وطفل آخر، وكذلك مصادرة كل المقتنيات التي تعود لزبائن ينامون في اللوكندة وأقدمت على تكسير أبواب غرف كان ينام فيها عدد من المواطنين.. وفي سياق التجاوزات الدستورية التي تمارسها تلك الجهات والتي اعتدت على المادة (51) من الدستور التي حرمت مراقبة أو تفتيش المساكن ودور العبادة ودور العلم حيث أقدمت بلدية صنعاء القديمة بقيادة عبده حديد مدير الأشغال في المديرية باقتحام لوكندة أبو فارس بدون أي مسوغ قانوني، وبعد التعذيب والتنكيل بحق الساكنين فيها من باعة متجولين وبساطين منذ خمس سنوات، حاولت تبرير جرمها بتلفيق تهمة كيدية مماثلة للتهم الكيدية التي تقوم السلطة وأجهزتها بالتذرع بها للخروج من المأزق أو للبحث عن شرعية الفعل الإجرامي الشنيع حيث عزا مدير عام الأشغال بالمديرية ذلك الفعل الذي نتج عنه تكسير أبواب الغرف بعنف وضرب الباعة من أطفال يعملون مع إخوانهم واعتقلت منهم ما يقارب الخمسة، لازالوا في السجن إلى يومنا هذا..

 وفي تمام الساعة 11 ظهراً من يوم الخميس 25 يونيو الماضي استخدمت البلدية مكبرات الصوت لإنذار الباعة بإغلاق اللوكندة خلال ساعتين وإذا لم فإن الاقتحام والمصادرة سيكون وشيكاً دون تراجع؛ وتم اعتقال صاحب اللوكندة "هادي الساري" واستدعاء سيارة اللحام المتنقلة لإغلاق اللوكندة ومصادرة كل ما يملك الباعة من بضائع متواضعة، وبحكم طبيعة نشاط كاتب هذا كناشط حقوقي وصحفي حاولت أن أثني مدير البلدية عن قراره باقتحام المكان.. فبرر ذلك بأن هناك جرائم تم اكتشافها في اللوكندة وحدد تلك الجرائم المزعومة باللواط.. وبعد بذل جهود كبيرة للحد من تلك الأعمال غير الأخلاقية واللا إنسانية ذكرتُ مدير الأشغال بعواقب وتبعات ذلك القرار غير القانوني فقال "أعمالنا قانونية ولدي أمر من النيابة بذلك" وحدد مهلة ساعتين فقط لإخلاء اللوكندة، وعندما عاينت المكان وجدت أحد ضباط البحث الجنائي يتفقد الخراب الذي ألحقته عناصر من بلدية صنعاء القديمة والصافية في عملية هجوم وصفت بالتعزيز من مدير أشغال صنعاء القديمة حيث تأسف ضابط البحث واعتبر ذلك العمل مخالفا للقانون وجريمة بحد ذاتها، كما زكى ذلك الكلام ضباط آخرون يتبعون المنطقة الأمنية الأولى، ومنهم من حاول تقديم النصح للمدير بعدم إقدامه على ارتكاب خطأ فادح.. ومن المبررات التي كالها أن ساحة باب اليمن لم تنظف وأن الباعة يشكلون خطراً على المكان، وبعد أن فشلت محاولات ثني المدير عن اقتحام اللوكندة وإغلاقها في وجه قاطنيها، حاولت بذل جهود كبيرة لإطلاق سراح المعتقلين في السجن غير الشرعي لبلدية صنعاء القديمة، وهما "عبد الله العتمي" وعمر عبده سعيد" اللذان تعرضا للإهانة ومصادرة بضائعهما "مصدر عيشهم" بعد كسر أبواب الغرفة رقد (7) التي يسكنون فيها، فرد المدير بالقول سوف أطلق سراحهم بعد أن يتم خروج البساطين من اللوكندة" وأكد لي المسئولية الكاملة على البضائع المصادرة.. وفي تمام الساعة 12 والنصف ظهراً من يوم الخميس أصدر تحذيراً بإخلاء اللوكندة خلال يومين وإلا سيتم اقتحامها يوم السبت ومصادرة كل من فيها واعتقال الباعة وإحالتهم إلى النيابة. وبعد أن حاولت الاتصال بمدير أمن المنطقة العقيد / حميد بجاش وإبلاغه بالأمر أكد لي أن تلك الأعمال ارتجالية وأن الحقوق مستباحة من قبل مدير البلدية، وفي سياق متصل وبعد نزول القاضي أحمد سيف حاشد عضو البرلمان ونائب رئيس لجنة الحريات في المجلس ورئيس منظمة التغيير للدفاع عن الحقوق والحريات لتفقد المكان المستباح وزيارة المعتقلين في سجن قسم اللقية والسجن غير الشرعي لبلدية صنعاء القديمة وعددهم 5 معتقلين، سعت بلدية صنعاء القديمة لاعتبار جرم المعتقلين "مقاومة السلطات" وهم عمر عبده سعيد وعبد الله العتمي، وفي محاولة لإطلاق سراحهم مساء يوم الخميس، رفض مدير المديرية إطلاق سراحهم معبراً عن انزعاجه من زيارة النائب (حاشد) وقال "المسجونين الذين جاء واحد وصورهم فأكدوا له ذلك فرفض إطلاق سراحهم، وبعد زيارة النائب (حاشد) للمعتقلين الثلاثة في سجن اللقية الذين تم تلفيق تهمة "مقاومة السلطات عليهم" تم تحويلهم مكبلين بالقيود على متن سيارة الأمن إلى قسم جمال جميل وإغلاق كافة الاتصالات معهم، حتى إدخال الأكل والشرب لهم؛ تتم بصعوبة شديدة.. وبعد استجداء واتصالات من قبل المعنيين لجهات مجهولة، وتلك الممارسات المثيرة للقلق أتت عقب الزيارة.. كما تم إبلاغي أن البلدية قد رفعت بلاغ بالمعتقلين إلى الجهات الأمنية، بينما أكد لي مصدر أمني أن الباعة لم يرفعون بلاغ بالبلدية ولا بالحادثة، وهو ما يعد افتراء رغم أن الباعة تحركوا إلى أمام المنطقة لتقديم بلاغ ورفض القائمون عليها استلامه، ولم يكن مدير المنطقة موجوداً..

عاد الجميع إلى قسم اللقية وقدموا البلاغ لكنهم اعتبروهم مجرد شهود، وكان, بعيد الاقتحام والمصادرة والانتهاكات, نائب مدير المنطقة الأمنية الأولى قد زار اللوكندة وتفقد الخراب ثم زيارة عدد من أفراد الأمن والذين عبر جلهم عن استيائهم، وإن كانت الجهات الأمنية سوف تصر على ذلك فإنها ترتكب جريمة أخرى ضد أدائها الأمني الموجه من قبل جهة ضد أخرى.

أخيراً.. إن الجناة قد استخدموا العنف، وقاموا بتكسير الأبواب الخشبية، واعتدوا على الأطفال والشباب بالضرب المبرح، وقاموا بسلب الممتلكات، ومارسوا الاعتقال بحق المدني عليهم- الباعة – بدون أي مسوغ قانوني، وفي يوم عطلة رسمية لكل أجهزة الدولة ثم إن الجناة وهم من عناصر بلدية صنعاء القديمة والصافية، والأخيرة ليس لها اختصاص على المنطقة التي تم اقتحام اللوكندة فيها، وعرف عنهم الانتهاكات اللا محدودة على المواطنين البسطاء، كما أن المعتدين ليس لهم صفة الموظف العام، بل يعملون بالأجر اليومي وليس لهم أي صفة ضبطية وليس هناك أي توجيه من مدير المديرية أو من مدير الأمن.

الجدير بالذكر أن الجهات الأمنية في وقت لاحق أنذرت أصحاب الفنادق واللوكندات بإجلاء الباعة والبساطين، وأخذت التزام بالقوة حتى يوم السبت لأسباب غير معروفة.

 

زر الذهاب إلى الأعلى